بِالْمَوَازِينِ الصِّنَاعِيَّةِ فِي الْمَنْطِقِ لَكِنْ قَدْ يَقُولُونَ: هُوَ حَكِيمٌ بِالطَّبْعِ. وَالْقِيَاسُ يَنْعَقِدُ فِي نَفْسِهِ بِدُونِ تَعَلُّمِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ كَمَا يَنْطِقُ الْعَرَبِيُّ بِالْعَرَبِيَّةِ بِدُونِ النَّحْوِ؛ وَكَمَا يَقْرِضُ الشَّاعِرُ الشِّعْرَ بِدُونِ مَعْرِفَةِ الْعَرُوضِ. لَكِنَّ اسْتِغْنَاءَ بَعْضِ النَّاسِ عَنْ هَذِهِ الْمَوَازِينِ لَا يُوجِبُ اسْتِغْنَاءَ الْآخَرِينَ. فَاسْتِغْنَاءُ كَثِيرٍ مِنْ النُّفُوسِ عَنْ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ لَا يُنَازِعُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَالْكَلَامُ هُنَا: هَلْ تَسْتَغْنِي النُّفُوسُ فِي عُلُومِهَا بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ نَفْسِ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ وَمَوَادِّهِ الْمُعَيَّنَةِ. فَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْ جِنْسِ هَذَا الْقِيَاسِ شَيْءٌ وَعَنْ الصِّنَاعَةِ الْقَانُونِيَّةِ الَّتِي يُوزَنُ بِهَا الْقِيَاسُ شَيْءٌ آخَرُ. فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ " أَنَّهُ آلَةٌ قَانُونِيَّةٌ تَمْنَعُ مُرَاعَاتُهَا الذِّهْنَ أَنْ يَزِلَّ فِي فِكْرِهِ " وَفَسَادُ هَذَا مَبْسُوطٌ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا.
وَنَحْنُ بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَّا عَدَمَ فَائِدَتِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَضَمَّنُ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَحْصُلُ بِدُونِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَّا أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ قَدْ يُفِيدُ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ الْعِلْمِ مَا يُفِيدُهُ هُوَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ إلَى ذَلِكَ الْعِلْمِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلِسَائِرِ بَنِي آدَمَ طَرِيقٌ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيَاسِ الْمَنْطِقِيِّ. فَإِنَّ هَذَا قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ. وَهُوَ كَذِبٌ مُحَقَّقٌ. وَلِهَذَا مَا زَالَ مُتَكَلِّمُو الْمُسْلِمِينَ - وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نَوْعٌ مِنْ الْبِدْعَةِ - لَهُمْ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ وَبَيَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَحُصُولِ الضَّرَرِ وَالْجَهْلِ بِهِ وَالْكُفْرِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute