وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْمَشْهُورَاتِ: هِيَ الْمَقْبُولَاتُ لِكَوْنِ صَاحِبِهَا مُؤَيَّدًا بِأَمْرِ يُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ - فَهَذِهِ مِنْ الزِّيَادَاتِ الَّتِي أَلْزَمَتْهُمْ إيَّاهَا الْحُجَّةُ وَرَأَوْا وُجُوبَ قَبُولِهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْأَوَّلِينَ. وَلِهَذَا كَانَ غَالِبُ صَابِئَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ هُمْ الْفَلَاسِفَةُ مُمْتَزِجِينَ بِالْحَنِيفِيَّةِ كَمَا أَنَّ غَالِبَ مَنْ دَخَلَ فِي الْفَلْسَفَةِ مِنْ الْحُنَفَاءِ مَزَجَ الْحَنِيفِيَّةَ بالصبء وَلَبَسَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ أَعْنِي بالصبء الْمُبْتَدَعِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إيمَانٌ بَلْ بِالنُّبُوَّاتِ كصبء صَاحِبِ الْمَنْطِقِ وَأَتْبَاعِهِ. وَأَمَّا الصبء الْقَدِيمُ فَذَاكَ أَصْحَابُهُ: مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات. فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ كَمَا أَنَّ التَّهَوُّدَ وَالتَّنَصُّرَ مِنْهُ مَا أَهْلُهُ مُبْتَدِعُونَ ضُلَّالٌ قَبْلَ إرْسَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُ مَا كَانَ أَهْلُهُ مُتَّبِعِينَ لِلْحَقِّ. وَهُمْ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ وَالْآخِرِ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
وَمَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْمَنْطِقِ: إنَّ الْقِيَاسَ الْخَطَابِيَّ هُوَ مَا يُفِيدُ الظَّنَّ كَمَا أَنَّ الْبُرْهَانِيَّ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ: فَلَمْ يَعْرِفْ مَقْصُودَ الْقَوْمِ؛ وَلَا قَالَ حَقًّا. فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَطَابِيِّ وَالْجَدَلِيِّ قَدْ يُفِيدُ الظَّنَّ كَمَا أَنَّ الْبُرْهَانِيَّ قَدْ تَكُونُ مُقَدِّمَاتُهُ مَشْهُورَةً وَمُسَلَّمَةً. فَالتَّقْسِيمُ لِمَوَادِّ الْقِيَاسِ وَقَعَ بِاعْتِبَارِ الْجِهَاتِ الَّتِي يُقْبَلُ مِنْهَا؛ فَتَارَةً يُقْبَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute