للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" وَالصِّنْفُ الثَّانِي " سَلَّمُوا لَهُمْ أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ إلَّا بِحَرْفِ وَصَوْتٍ وَمَنَعُوهُمْ الْمُقَدِّمَةَ الثَّانِيَةَ وَهُوَ أَنَّ الْحَرْفَ وَالصَّوْتَ لَا يَكُونُ إلَّا مُحْدَثًا. وَصِنْفٌ قَالُوا: إنَّ الْمُحْدَثَ كَالْحَادِثِ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ لَا يَكُونُ قَدِيمًا وَهُوَ بِحَرْفِ وَصَوْتٍ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ قَدِيمٌ وَهُوَ بِحَرْفِ وَصَوْتٍ كَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ سَالِمٍ وَأَتْبَاعِهِ السالمية وَطَوَائِفَ مِمَّنْ اتَّبَعَهُ وَقَالَ هَؤُلَاءِ فِي الْحَرْفِ وَالصَّوْتِ نَظِيرُ مَا قَالَهُ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ فِي الْمَعَانِي. وَقَالُوا كَلَامٌ لَا بِحَرْفِ وَلَا صَوْتٍ لَا يُعْقَلُ وَمَعْنًى يَكُونُ أَمْرًا وَنَهْيًا وَخَبَرًا مُمْتَنِعٌ فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مَعْنَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ الْعِبَارَاتُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ - فَقَوْلُهُ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالِاضْطِرَارِ عَقْلًا وَشَرْعًا وَإِخْرَاجُ الْحُرُوفِ عَنْ مُسَمَّى الْكَلَامِ مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ جَمِيعِ اللُّغَاتِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ الْمَخْلُوقَةَ فِي غَيْرِ كَلَامِ اللَّهِ حَقِيقَةٌ أَمْكَنَ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ كَلَّمَ مُوسَى بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ فِي غَيْرِهِ. وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ الْأَوَّلِينَ: إذَا قُلْتُمْ إنَّ الْكَلَامَ هُوَ مُجَرَّدُ الْمَعْنَى