للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَوَالَةَ فِي مَعْرِضِ الْوَفَاءِ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ} فَأَمَرَ الْمَدِينَ بِالْوَفَاءِ وَنَهَاهُ عَنْ الْمَطْلِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ ظَالِمٌ إذَا مَطَلَ وَأَمَرَ الْغَرِيمَ بِقَبُولِ الْوَفَاءِ إذَا أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} أَمَرَ الْمُسْتَحِقَّ أَنْ يُطَالِبَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَمَرَ الْمَدِينَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ. وَوَفَاءُ الدَّيْنِ لَيْسَ هُوَ الْبَيْعَ الْخَاصَّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَوْبُ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَفَاءَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا قَبَضَ الْوَفَاء صَارَ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَدِينِ مِثْلُهُ يتقاص مَا عَلَيْهِ بِمَالِهِ وَهَذَا تَكَلُّفٌ أَنْكَرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَالُوا: بَلْ نَفْسُ الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ يَحْصُلُ بِهِ الْوَفَاءُ وَلَا حَاجَةَ أَنْ نُقَدِّرَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَوْفِي دَيْنًا وَأُولَئِكَ قَصَدُوا أَنْ يَكُونَ وَفَاءُ الدَّيْنِ بِدَيْنٍ وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْمُطْلَقِ الْكُلِّيِّ وَالْمُعَيَّنُ مِنْ جِنْسِ الْمُعَيَّنِ فَمَنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ مُطْلَقٌ كُلِّيٌّ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ هُوَ الْأَعْيَانُ الْمَوْجُودَةُ وَأَيُّ مُعَيَّنٍ اسْتَوْفَاهُ حَصَلَ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ الْمُطْلَقِ.