للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ فِعْلُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ كَالرُّكُوعِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ. وَأَفْضَلُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ السُّجُودُ وَأَفْضَلُ أَقْوَالِهَا الْقِرَاءَةُ وَكِلَاهُمَا مَشْرُوعٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيُسِّرَتْ الْعِبَادَةُ لِلَّهِ لَكِنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فَاشْتُرِطَ لَهَا أَفْضَلُ الْأَحْوَالِ. وَاشْتُرِطَ لِلْفَرْضِ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِلنَّفْلِ. مِنْ الْقِيَامِ وَالِاسْتِقْبَالِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَجَازَ التَّطَوُّعُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ كَمَا مَضَتْ بِهِ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ {كَانَ يَتَطَوَّعُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ بِهِ} . وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ صَلَاةٌ بِلَا قِيَامٍ وَلَا اسْتِقْبَالٍ لِلْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلْمُتَطَوِّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا كَذَلِكَ فَلَوْ نُهِيَ عَنْ التَّطَوُّعِ أَفْضَى إلَى تَفْوِيتِ عِبَادَةِ اللَّهِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إلَّا كَذَلِكَ؛ بِخِلَافِ الْفَرْضِ. فَإِنَّهُ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْزِلَ لَهُ وَلَا يَقْطَعُهُ ذَلِكَ عَنْ سَفَرِهِ. وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ النُّزُولُ لِقِتَالِ أَوْ مَرَضٍ أَوْ وَحْلٍ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ أَيْضًا. وَرُخِّصَ فِي التَّطَوُّعِ جَالِسًا؛ لَكِنْ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ يُمْكِنُهُ مَعَ الْجُلُوسِ. فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ بِخِلَافِ تَكْلِيفِهِ الْقِيَامَ فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّطَوُّعِ وَكَانَ ذَلِكَ تَيْسِيرًا لِلصَّلَاةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَأَوْجَبَ اللَّهُ فِي الْفَرْضِ مَا لَا يَجِبُ فِي النَّفْلِ.