بَاطِلٌ وَهَذَا يُشْبِهُ حَالَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَلَا شَرْعِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَالْبَاطِلُ هُوَ نَفْسُ الْقَصْدِ وَالْعَمَلِ لَا نَفْسُ الْعَيْنِ الْمَقْصُودَةِ. قُلْت: بَلْ نَفْسُ الْعَيْنِ الْمَقْصُودَةِ بَاطِلٌ بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي قُصِدَتْ لَهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: {أَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ مِنْ لَدُنْ عَرْشِك إلَى قَرَارِ أَرْضِك بَاطِلٌ إلَّا وَجْهَك الْكَرِيمَ} . وَذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاطِلُ فِي الْأَصْلِ هُوَ الْعَدَمُ وَالْعَدَمُ هُوَ الْمَنْفِيُّ فَالشَّيْءُ يُنْفَى لِانْتِفَاءِ وُجُودِهِ فِي الْجُمْلَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} وَ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وَقَوْلِهِ: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَهٍ} وَقَوْلِهِ {لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ} وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {: لَا نَبِيَّ بَعْدِي} . وَقَدْ يُنْفَى لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ وَمَقْصُودِهِ وَخَاصَّتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا هُوَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ؛ فَإِنَّ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْبَاطِلُ مَعْدُومٌ وَهَذَا {كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْكُهَّانِ: لَيْسُوا بِشَيْءِ} وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى تَعَالَى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} . وَقَدْ يُنْفَى الشَّيْءُ لِانْتِفَاءِ كَمَالِهِ وَتَمَامِهِ إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {: لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَافِ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَإِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute