اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَرَضَ وَعَادَتْ النَّفْسُ إلَى الصِّحَّةِ وَالِاعْتِدَالِ وَرَجَعَتْ الضَّرُورِيَّاتُ الْعَقْلِيَّةُ مَقْبُولَةً مَوْثُوقًا بِهَا عَلَى أَمْنٍ وَتَبَيُّنٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِنَظْمِ دَلِيلٍ وَتَرْتِيبِ كَلَامٍ؛ بَلْ بِنُورِ قَذَفَهُ اللَّهُ فِي الصَّدْرِ وَذَلِكَ النُّورُ هُوَ مِفْتَاحُ أَكْبَرِ الْمَعَارِفِ قَالَ: فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْكَشْفَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْأَدِلَّةِ الْمُجَرَّدَةِ فَقَدْ ضَيَّقَ رَحْمَةَ اللَّهِ الْوَاسِعَةَ. ثُمَّ قَالَ: انْحَصَرَتْ طُرُقُ الطَّالِبِينَ عِنْدِي فِي أَرْبَعِ فِرَقٍ: - الْمُتَكَلِّمُونَ: وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَهْلُ الرَّأْيِ وَالنَّظَرِ. وَالْبَاطِنِيَّةُ: وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ التَّعَلُّمِ وَالْمُخَصِّصُونَ بِالِاقْتِبَاسِ مِنْ الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ. وَالْفَلَاسِفَةُ: وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْمَنْطِقِ. وَالْبُرْهَانِ. وَالصُّوفِيَّةُ: وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ خَوَاصُّ الْحَضْرَةِ وَأَهْلُ الْمُكَاشَفَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ. فَقُلْت فِي نَفْسِي: الْحَقُّ لَا يَعْدُو هَذِهِ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ فَهَؤُلَاءِ هُمْ السَّالِكُونَ سُبُلَ طَرِيقِ الْحَقِّ؛ فَإِنْ سُدَّ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَلَا يَبْقَى فِي دَرْكِ الْحَقِّ مَطْمَعٌ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَقْصُودَ الْكَلَامِ وَفَائِدَتَهُ: الذَّبُّ عَنْ السُّنَّةِ بِالْجَدَلِ لَا تَحْقِيقُ الْحَقَائِقِ وَأَنَّ مَا عَلَيْهِ الْبَاطِنِيَّةُ بَاطِلٌ وَأَنَّ الْفَلْسَفَةَ بَعْضُهَا حَقٌّ وَبَعْضُهَا كُفْرٌ وَالْحَقُّ مِنْهَا لَا يَفِي بِالْمَقْصُودِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَقْبَلَ بِهِمَّتِهِ عَلَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ إلَّا بِعِلْمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute