للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْإِثْمُ وَالْبِرُّ فِي صُدُورِ الْخَلْقِ لَهُ تَرَدُّدٌ وَجَوَلَانٌ؛ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ اللَّهُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَهُوَ فِي قَلْبِهِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْإِثْمُ حواز الْقُلُوبِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَالصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ فَالْحَدِيثُ الصِّدْقُ تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ النَّفْسُ وَيَطْمَئِنُّ إلَيْهِ الْقَلْبُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى الْحَقِّ؛ فَإِذَا لَمْ تَسْتَحِلَّ الْفِطْرَةُ: شَاهَدَتْ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ؛ فَأَنْكَرَتْ مُنْكِرَهَا وَعَرَّفَتْ مَعْرُوفَهَا. قَالَ عُمَرُ: الْحَقُّ أَبْلَجُ لَا يَخْفَى عَلَى فَطِنٍ. فَإِذَا كَانَتْ الْفِطْرَةُ مُسْتَقِيمَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ مُنَوَّرَةً بِنُورِ الْقُرْآنِ. تَجَلَّتْ لَهَا الْأَشْيَاءُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَزَايَا وَانْتَفَتْ عَنْهَا ظُلُمَاتُ الْجَهَالَاتِ فَرَأَتْ الْأُمُورَ عِيَانًا مَعَ غَيْبِهَا عَنْ غَيْرِهَا. وَفِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا؛ وَعَلَى جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ؛ وَفِي السُّورَيْنِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ؛ وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ؛ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ. وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ؛ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْإِسْلَامُ؛ وَالسُّتُورُ الْمُرْخَاةُ حُدُودُ اللَّهِ؛ وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ نَادَاهُ الْمُنَادِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَفْتَحْهُ؛ فَإِنَّك إنْ فَتَحْته تَلِجْهُ. وَالدَّاعِي عَلَى رَأْسِ