كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد. وَهَذَا الْقَوْلُ لَهُ حُجَّتَانِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُمْ: إنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِرَفْعِ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الضَّرَرُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ لَتَضَرَّرَ الشَّرِيكُ؛ فَإِنَّهُ إنْ بَاعَهُ لَمْ يَرْغَبْ النَّاسُ فِي الشِّرَاءِ؛ لِخَوْفِهِمْ مِنْ انْتِزَاعِهِ بِالشُّفْعَةِ. وَإِنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْبَيْعُ وَلَا الْقِسْمَةُ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ ضَرَرِ شَرِيكِهِ. فَلَوْ أَثْبَتْنَا فِيهِ الشُّفْعَةَ لِرَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ لَزِمَ إضْرَارُ الشَّرِيكِ الْبَائِعِ. وَالضَّرَرُ لَا يَزَالُ بِالضَّرَرِ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ. فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ} وَلَمْ يَشْتَرِطْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَرْضِ وَالرَّبْعَةِ وَالْحَائِطِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ: فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الرَّسُولِ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ مِنْ كَلَامِهِ؛ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا فِي بَابِ تَأْسِيسِ إثْبَاتِ الشُّفْعَةِ. وَلَيْسَ عَنْهُ لَفْظٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي الشُّفْعَةِ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا. فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute