مَنْ يَكُونُ نَشَأَ عَلَى مَذْهَبِ إمَامٍ مُعَيَّنٍ أَوْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا مُعَيَّنًا أَوْ سَمِعَ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ فَيُرِيدُ أَنْ يَحْمِلَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا غَلَطٌ وَلِهَذَا نَظَائِرُ.
مِنْهَا " مَسْأَلَةُ الْمَغَانِمِ " فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ تُجْمَعَ وَتُخَمَّسَ وَتُقَسَّمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ بِالْعَدْلِ. وَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ. فَمَذْهَبُ فُقَهَاءِ الثُّغُورِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَأَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِمَا فِي السُّنَنِ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ فِي بَدْأَتِهِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَنَفَلَ فِي رَجْعَتِهِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ} وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ بَلْ يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ التَّنْفِيلُ مِنْ الْخُمُسِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ. كَانَ أَحْمَد يَعْجَبُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٍ كَيْفَ لَمْ تَبْلُغْهُمَا هَذِهِ السُّنَّةُ مَعَ وُفُورِ عِلْمِهِمَا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا وَنَفَلَنَا بَعِيرًا بَعِيرًا} وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّهْمَ إذَا كَانَ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا لَمْ يَحْتَمِلْ خُمُسَ الْخُمُسِ أَنْ يُخْرَجَ مِنْهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعِيرٌ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ السَّهْمُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ بَعِيرًا. وَكَذَلِكَ إذَا فَضَّلَ الْإِمَامُ بَعْضَ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute