للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ بَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ ضِدُّهُ مِنْ جِنْسِ الْمُبَاحَاتِ كَالِاشْتِغَالِ بِأَهْوَاءِ النَّفْسِ وَلَذَّاتِهَا مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالرِّئَاسَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَنْ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ. فَالْعُقُوبَةُ هُنَا لِأَجْلِ تَرْكِ الْإِيمَانِ؛ لَا لِأَجْلِ تَرْكِ هَذَا الْجِنْسِ. وَقَدْ يُقَالُ: كُلُّ مَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ وَالتَّوْحِيدَ فَلَا يَتْرُكُهُ إلَّا إلَى كُفْرٍ وَشِرْكٍ؛ فَإِنَّ النَّفْسَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ إلَهٍ تَعْبُدُهُ فَمَنْ لَمْ يَعْبُدْ الرَّحْمَنَ عَبَدَ الشَّيْطَانَ. فَيُقَالُ: عِبَادَةُ الشَّيْطَانِ جِنْسٌ عَامٌّ وَهَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِمَا هُوَ مَانِعٌ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ يُقَالُ: عَبَدَهُ. كَمَا أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَقَدْ عَبَدَهُ وَلَكِنْ عِبَادَةٌ دُونَ عِبَادَةٍ. وَالنَّاسُ " نَوْعَانِ " طُلَّابُ دِينٍ وَطُلَّابُ دُنْيَا. فَهُوَ يَأْمُرُ طُلَّابَ الدِّينِ بِالشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ كَعُبَّادِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَيَأْمُرُ طُلَّابَ الدُّنْيَا بِالشَّهَوَاتِ الْبَدَنِيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ شَهَوَاتِ الْغَيِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلَّاتِ الْفِتَنِ} وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ " لِكُلِّ عَامِلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَإِنَّ صَاحِبَهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ فَارْجُوهُ وَإِنْ أُشِيرَ إلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ فَلَا تَعُدُّوهُ. فَقَالُوا: أَنْتَ إذَا مَرَرْت فِي السُّوقِ أَشَارَ إلَيْك