للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُ الدُّعَاءَ يَتَوَسَّلُونَ بِهِ وَيَسْتَشْفِعُونَ بِهِ إلَى اللَّهِ؛ كَمَا أَنَّ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتُونَ إلَيْهِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ إلَى اللَّهِ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ وَأَصَابَهُمْ الْجَدْبُ عَامَ الرَّمَادَةِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَكَانَتْ شِدَّةٌ عَظِيمَةٌ أَخَذُوا الْعَبَّاسَ فَتَوَسَّلُوا بِهِ وَاسْتَسْقَوْا بِهِ بَدَلًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْتُوا إلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَ عِنْدَهُ وَلَا اسْتَسْقَوْا بِهِ وَلَا تَوَسَّلُوا بِهِ. وَكَذَلِكَ فِي الشَّامِ لَمْ يَذْهَبُوا إلَى مَا فِيهَا مِنْ الْقُبُورِ؛ بَلْ اسْتَسْقَوْا بِمَنْ فِيهِمْ مِنْ الصَّالِحِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ عِنْدَ الْقُبُورِ وَالتَّوَسُّلُ بِالْأَمْوَاتِ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ لَكَانَ التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ مِنْ التَّوَسُّلِ بِالْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ كَانُوا يَسْتَسْقُونَ عَلَى " ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ " تَارَةً: يَدْعُونَ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ. وَتَارَةً: يَخْرُجُونَ إلَى الْمُصَلَّى فَيَدْعُونَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ وَتَارَةً يُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ. وَالْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ مَشْرُوعَانِ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَدْ أُمِرُوا فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِأَنْ يَسْتَسْقُوا بِأَهْلِ الصَّلَاحِ؛ لَا سِيَّمَا بِأَقَارِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فَعَلَ الصَّحَابَةُ. وَأُمِرُوا بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ. وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالِاسْتِسْقَاءِ عِنْدَ شَيْءٍ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا الِاسْتِعَانَةِ