للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفِيضٌ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جُنْدُبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ: {إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ - أَوْ قَالَ - قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ} وَفِيهِ: {لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ} وَهَذَا الْمَعْنَى فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ وَفِيهِ: {لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلَّا سُدَّتْ؛ إلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ} . بَيْنَ هَذَيْنَ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ تَوَاتَرَا عَنْهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ: مِنْ ذِكْرِ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ وَمِنْ نَهْيِهِ عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ فَبِهِمَا حَسْمُ مَادَّةِ الشِّرْكِ الَّتِي أُفْسِدَ بِهَا الدِّينُ وَظَهَرَ بِهَا دِينُ الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ عَنْ قَوْمِ نُوحٍ: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} . وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَارَتْ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ تُعْبَدُ؛ أَمَّا (وَدٌّ: فَكَانَتْ لِكَلْبِ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَأَمَّا (سُوَاعٌ: فَكَانَتْ لهذيل وَأَمَّا (يَغُوثُ: فَكَانَتْ لِمُرَادِ ثُمَّ لِبَنِي غطيف بِالْجَرْفِ عِنْدَ سَبَأٍ وَأَمَّا (يَعُوقُ: فَكَانَتْ لهمدان وَأَمَّا (نَسْرٌ: فَكَانَتْ لَحِمْيَرَ لِآلِ ذِي