للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاَلَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَى ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَلَقَّوْا هَذَا الْإِنْكَارَ عَنْ مُتَأَخِّرِي الْأَشْعَرِيَّةِ - كَأَبِي الْمَعَالِي وَأَتْبَاعِهِ - وَهَؤُلَاءِ تَلَقَّوْا هَذَا الْإِنْكَارَ عَنْ الْأُصُولِ الَّتِي شَارَكُوا فِيهَا الْمُعْتَزِلَةَ وَنَحْوَهُمْ مِنْ الْجَهْمِيَّة فالْجَهْمِيَّة - مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ - هُمْ أَصْلُ هَذَا الْإِنْكَارِ. وَسَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا مُتَّفِقُونَ عَلَى الْإِثْبَاتِ رَادُّونَ عَلَى الْوَاقِفَةِ والْنُّفَاةِ مِثْلُ مَا رَوَاهُ البيهقي وَغَيْرُهُ عَنْ الأوزاعي قَالَ: كُنَّا - وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ - نَقُولُ: إنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ. وَقَالَ أَبُو مُطِيعٍ البلخي فِي كِتَابِ " الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ " الْمَشْهُورِ: سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَمَّنْ يَقُولُ لَا أَعْرِفُ رَبِّي فِي السَّمَاءِ أَوْ فِي الْأَرْضِ. قَالَ: قَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتِهِ فَقُلْت إنَّهُ يَقُولُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وَلَكِنْ لَا يَدْرِي الْعَرْشُ فِي السَّمَاءِ أَوْ فِي الْأَرْضِ؛ فَقَالَ إذَا أَنْكَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ؛ وَأَنَّهُ يُدْعَى مِنْ أَعْلَى لَا مِنْ أَسْفَلُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. وَقَالَ معدان: سَأَلْت سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} قَالَ عِلْمُهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِيمَا ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبُخَارِيُّ