بَاطِلَةٌ. - فَنَقُولُ: قَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالشُّرُوطِ عُمُومًا وَأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِهَا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَوُجُوبُ الْوَفَاءِ بِهَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً؛ فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهَا لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً كَانَتْ مُبَاحَةً. وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ} " إنَّمَا يَشْمَلُ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَا بِعُمُومِهِ وَلَا بِخُصُوصِهِ فَإِنَّ مَا دَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى إبَاحَتِهِ بِعُمُومِهِ فَإِنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا: هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَعُمُّ مَا هُوَ فِيهِ بِالْخُصُوصِ وَبِالْعُمُومِ. وَعَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} وَقَوْلِهِ: {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} وَقَوْلِهِ: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْكِتَابَ هُوَ الْقُرْآنَ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ: فَلَا يَجِيءُ هَهُنَا. يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي ثَبَتَ جَوَازُهُ بِسُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ: صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِخُصُوصِهِ لَكِنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْأَمْرُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَاتِّبَاعِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ. فَيَكُونُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. لِأَنَّ جَامِعَ الْجَامِعِ جَامِعٌ وَدَلِيلَ الدَّلِيلِ دَلِيلٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute