وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُرِدْ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةَ وَإِنْ كَانَ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى أَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَغْضَبَ وَيَنْتَقِمَ وَيُجَاهِدَ إذَا جَازَ الْعَفْوُ وَإِنْ كَانَ الِانْتِقَامُ لِلَّهِ أَرْضَى لِلَّهِ. كَمَا هُوَ أَيْضًا خُلُقُ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَهَذَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَا إثْمَ فِيهِ فَخُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ مِنْهُ. وَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إذَا كَانَ شَرِيعَةً لِنَبِيِّ فَلَا عَيْبَ عَلَى نَبِيٍّ فِيمَا شَرَعَ اللَّهُ لَهُ. لَكِنْ قَدْ فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ، وَفَضَّلَ بَعْضَ الرُّسُلِ عَلَى بَعْضٍ، وَالشَّرِيعَةُ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الشَّرَائِعِ؛ إذْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَأُمَّتُهُ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} كُنْتُمْ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي الْأَقْيَادِ وَالسَّلَاسِلِ حَتَّى تُدْخِلُوهُمْ الْجَنَّةَ. يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ فِي الْجِهَادِ لِنَفْعِ النَّاسِ فَهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ لِلْخَلْقِ. وَالْخَلْقُ عِيَالُ اللَّهِ فَأَحَبُّهُمْ إلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ شِرْعَةً لِاتِّبَاعِهِ لِذَلِكَ النَّبِيِّ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَاجِهِ فَإِنْ كَانَ مَا تَرَكَهُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَمَا فَعَلَهُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَأَوِّلًا مُخْطِئًا فَاَللَّهُ قَدْ وَضَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute