للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَذَنْبُ أَحَدِهِمْ قَدْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ بِأَسْبَابِ مُتَعَدِّدَةٍ. وَمِنْ أَسْبَابِ هَذَا الِانْحِرَافِ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ تَغْلِبُ عَلَيْهِ " طَرِيقَةُ الزُّهْدِ " فِي إرَادَةِ نَفْسِهِ فَيَزْهَدُ فِي مُوجِبِ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ يَفْعَلُهُ مِنْ عِبَادِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَالرُّهْبَانِ وَأَشْبَاهِهِمْ وَهَؤُلَاءِ يَرَوْنَ الْجِهَادَ نَقْصًا لِمَا فِيهِ مِنْ قَتْلِ النُّفُوسِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ وَيَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ عِمَارَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى يَدِ دَاوُد لِأَنَّهُ جَرَى عَلَى يَدَيْهِ سَفْكُ الدِّمَاءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى ذَبْحَ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ كَمَا عَلَيْهِ البراهمة وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ هُوَ يَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يَذْبَحُ حَيَوَانًا وَلَا يَأْكُلُ لَحْمَهُ وَلَا يَنْكِحُ النِّسَاءَ وَيَقُولُ مَادِحُهُ: فُلَانٌ مَا نَكَحَ وَلَا ذَبَحَ. وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَؤُلَاءِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ: " {أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا: كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ