للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ " لَا تَنْفَعُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ " وَلَا قَالَ " لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا فِيمَنْ أَذِنَ لَهُ " بَلْ قَالَ {لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ} فَهِيَ لَا تَنْفَعُ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا تَكُونُ نَافِعَةً إلَّا لِلْمَأْذُونِ لَهُمْ. كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} . وَلَا يُقَالُ: لَا تَنْفَعُ إلَّا لِشَفِيعِ مَأْذُونٍ لَهُ. بَلْ لَوْ أُرِيدَ هَذَا لَقِيلَ: لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ. وَإِنَّمَا قَالَ {إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} وَهُوَ الْمَشْفُوعُ لَهُ الَّذِي تَنْفَعُهُ الشَّفَاعَةُ. وَقَوْلُهُ {حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} لَمْ يَعُدْ إلَى " الشُّفَعَاءِ " بَلْ عَادَ إلَى الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} ثُمَّ قَالَ {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا مُنْتَفٍ {حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} فَلَا يَعْلَمُونَ مَاذَا قَالَ حَتَّى يُفَزَّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ فَكَيْفَ يَشْفَعُونَ بِلَا إذْنِهِ؟ . وَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا أَذِنَ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ فَقَدْ أَذِنَ لِلشَّافِعِ. فَهَذَا الْإِذْنُ هُوَ الْإِذْنُ الْمُطْلَقُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لِلشَّافِعِ فَقَطْ. فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ. إذْ قَدْ يَأْذَنُ لَهُ إذْنًا خَاصًّا.