للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وَالْمُوَادَّةُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ. فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِاَللَّهِ يَسْتَلْزِمُ مَوَدَّتَهُ وَمَوَدَّةَ رَسُولِهِ وَذَلِكَ يُنَاقِضُ مُوَادَّةَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَا نَاقَضَ الْإِيمَانَ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْعَزْمَ وَالْعِقَابَ؛ لِأَجْلِ عَدَمِ الْإِيمَانِ. فَإِنَّ مَا نَاقَضَ الْإِيمَانَ كَالشَّكِّ وَالْإِعْرَاضِ وَرِدَّةِ الْقَلْبِ وَبُغْضِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يَسْتَلْزِمُ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ لِكَوْنِهِ تَضَمَّنَ تَرْكَ الْمَأْمُورِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ فَاسْتَحَقَّ تَارِكُهُ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ، وَأَعْظَمُ الْوَاجِبَاتِ إيمَانُ الْقَلْبِ فَمَا نَاقَضَهُ اسْتَلْزَمَ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ لِتَرْكِهِ هَذَا الْوَاجِبَ؛ بِخِلَافِ مَا اسْتَحَقَّ الذَّمَّ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِي الْهَمِّ بِهِ وَقَصْدِهِ إذَا كَانَ هَذَا لَا يُنَاقِضُ أَصْلَ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ يُنَاقِضُ كَمَالِهِ؛ بَلْ نَفْسُ فِعْلِ الطَّاعَاتِ يَتَضَمَّنُ تَرْكَ الْمَعَاصِي وَنَفْسُ تَرْكِ الْمَعَاصِي يَتَضَمَّنُ فِعْلَ الطَّاعَاتِ وَلِهَذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فَالصَّلَاةُ تَضَمَّنَتْ شَيْئَيْنِ: (أَحَدُهُمَا نَهْيُهَا عَنْ الذُّنُوبِ. و (الثَّانِي تَضَمُّنُهَا ذِكْرِ اللَّهِ وَهُوَ أَكْبَرُ الْأَمْرَيْنِ فَمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ كَوْنِهَا نَاهِيَةً عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ وَلِبَسْطِ هَذَا مَوْضِعٌ آخَرُ.