للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَفِيهَا نِعَمٌ وَمَنَافِعُ لِعِبَادِهِ؛ غَيْرِ الِاسْتِدْلَالِ: كَمَا فِي خَلْقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مِنْ آيَاتِهِ وَفِيهَا نِعَمٌ عَظِيمَةٌ عَلَى عِبَادِهِ غَيْرِ الِاسْتِدْلَالِ فَهِيَ تُوجِبُ الشُّكْرَ لِمَا فِيهَا مِنْ النِّعَمِ وَتُوجِبُ التَّذَكُّرَ لِمَا فِيهَا مِنْ الدَّلَالَةِ. قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} وَقَالَ: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} فَإِنَّ الْعَبْدَ يَدْعُوهُ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ دَاعِي الشُّكْرِ وَدَاعِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَذَاكَ دَاعٍ إلَى شُكْرِهَا؛ وَقَدْ جُبِلَتْ النُّفُوسُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُنْعِمُ الْمُحْسِنُ الَّذِي مَا بِالْعِبَادِ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْهُ وَحْدَهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ {مَنْ قَالَ إذَا أَصْبَحَ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدِ مِنْ خَلْقِك فَمِنْك وَحْدَك لَا شَرِيكَ لَك فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَمَنْ قَالَ: ذَلِكَ إذَا أَمْسَى فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ} رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ {مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ} (١) (*).

وَقَدْ ذَمَّ سُبْحَانَهُ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ إيمَانِهِ كَمَا قَالَ: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الْآيَةَ. فَهَذَا فِي كَشْفِ الضُّرِّ وَفِي النِّعَمِ قَالَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} أَيْ: شُكْرُكُمْ وَشُكْرُ مَا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَنَصِيبُكُمْ تَجْعَلُونَهُ تَكْذِيبًا وَهُوَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّحِيحِ قَالَ: {مُطِرَ


(١) بياض في الأصل
(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٦٨):
قوله (وفي حديث آخر " من قال: الحمد لله ربي لا أشرك به شيئا أشهد أم لا إله إلا الله ")، وأشار الجامع رحمه الله إلى أن في هذا الموضع بياضا في الأصل.
قلت: ويظهر لي أن موضع البياض هو تكملة هذا الحديث، ولفظه: " ما من عبد مسلم يقول إذا أصبح: الحمد لله الذي لا أشرك به شيئا وأشهد أن لا إله إلا الله إلا غفرت له ذنوبه حتى يمسي، وإذا قالها إذا أمسى غفرت له ذنوبه حتى يصبح ".