للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ وَهُوَ الرِّيَاسَةُ وَالسُّلْطَانُ وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الدِّينَ مِثْلَ أَوْ فَوْقَ إفْسَادِ الذِّئْبَيْنِ الْجَائِعَيْنِ لِزَرِيبَةِ الْغَنَمِ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحِرْصَ إنَّمَا ذُمَّ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الدِّينَ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فَكَانَ تَرْكُ هَذَا الْحِرْصِ لِصَالِحِ الْعَمَلِ وَهَذَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} وَهُمَا اللَّذَانِ: ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ حَيْثُ افْتَتَحَهَا بِأَمْرِ فِرْعَوْنَ وَذَكَرَ عُلُوَّهُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الرِّيَاسَةُ وَالشَّرَفُ وَالسُّلْطَانُ ثُمَّ ذَكَرَ فِي آخِرِهَا قَارُونَ وَمَا أُوتِيَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ وَذَكَرَ عَاقِبَةَ سُلْطَانِ هَذَا وَعَاقِبَةَ مَالِ هَذَا ثُمَّ قَالَ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} كَحَالِ فِرْعَوْنَ وَقَارُونَ؛ فَإِنَّ جَمْعَ الْأَمْوَالِ مِنْ غَيْرِ إنْفَاقِهَا فِي مَوَاضِعِهَا الْمَأْمُورِ بِهَا وَأَخْذَهَا مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا هُوَ مِنْ نَوْعِ الْفَسَادِ. وَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ إذَا اخْتَارَ السُّلْطَانَ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِفَسَادِ وَظُلْمٍ وَأَمَّا نَفْسُ وُجُودِ السُّلْطَانِ وَالْمَالِ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ وَالْقِيَامُ بِالْحَقِّ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ وَيُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا يَفْتُرُ الْقَلْبُ عَنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَلَا يَصُدُّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ. وَلَكِنْ قَلَّ أَنْ