وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَيُقَالُ: إنَّهُ وَلَدَتْهُ مَرْيَمُ وَيُقَالُ: الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ فَكَانَ الْمَسِيحُ جُزْءًا مِنْ مَرْيَمَ وَخُلِقَ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِي فَرْجِ مَرْيَمَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} وَفِي الْأُخْرَى: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} وَأَمَّا حَوَّاءُ فَخَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ مَادَّةٍ أُخِذَتْ مِنْ آدَمَ كَمَا خُلِقَ آدَمَ مِنْ الْمَادَّةِ الْأَرْضِيَّةِ وَهِيَ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَالرِّيحُ الَّذِي أَيْبَسَتْهُ حَتَّى صَارَ صَلْصَالًا فَلِهَذَا لَا يُقَالُ إنَّ آدَمَ وَلَدَ حَوَّاءَ وَلَا آدَمَ وَلَدَهُ التُّرَابُ وَيُقَالُ فِي الْمَسِيحِ: وَلَدَتْهُ مَرْيَمُ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَصْلَيْنِ مِنْ مَرْيَمَ وَمِنْ النَّفْخِ الَّذِي نَفَخَ فِيهَا جِبْرِيلُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَرْسَلْنَا إلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} {قَالَتْ إنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقِيًّا} {قَالَ إنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ. فَهِيَ إنَّمَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ النَّفْخِ لَمْ تَحْمِلْ بِهِ مُدَّةً بِلَا نَفْخٍ ثُمَّ نُفِخَتْ فِيهِ رُوحُ الْحَيَاةِ كَسَائِرِ الْآدَمِيِّينَ فَفَرْقٌ بَيْنَ النَّفْخِ لِلْحَمْلِ وَبَيْنَ النَّفْخِ لِرُوحِ الْحَيَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute