حَكَمَ وَقَضَى فَهَذَا مِنْ بَابِ اللَّازِمِ فَإِنَّ الْحُكْمَ وَالْقَضَاءَ هُوَ إلْزَامٌ وَأَمْرٌ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ أَلْزَمَ الْخَلْقَ التَّوْحِيدَ وَأَمَرَهُمْ بِهِ وَقَضَى بِهِ وَحَكَمَ فَقَالَ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ} وَقَالَ: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} وَقَالَ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} وَقَالَ: {وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} {وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ يُوجِبُ عَلَى الْعِبَادِ عِبَادَتَهُ وَتَوْحِيدَهُ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ عِبَادَةَ مَا سِوَاهُ فَقَدْ حَكَمَ وَقَضَى: أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِي دَلَالَةِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَدْ أَخْبَرَ وَبَيَّنَ وَأَعْلَمَ أَنَّ مَا سِوَاهُ لَيْسَ بِإِلَهِ فَلَا يُعْبَدُ وَأَنَّهُ وَحْدَهُ الْإِلَهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِعِبَادَتِهِ وَالنَّهْيَ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ فَإِنَّ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ فِي مِثْلِ هَذَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ كَمَا إذَا اسْتَفْتَى شَخْصٌ شَخْصًا فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: هَذَا لَيْسَ بِمُفْتٍ هَذَا هُوَ الْمُفْتِي فَفِيهِ نَهْيٌ عَنْ اسْتِفْتَاءِ الْأَوَّلِ وَأَمْرٌ وَإِرْشَادٌ إلَى اسْتِفْتَاءِ الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute