للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ إذَا تَحَاكَمَ إلَى غَيْرِ حَاكِمٍ أَوْ طَلَبَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَقِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا حَاكِمًا وَلَا هَذَا سُلْطَانًا؛ هَذَا هُوَ الْحَاكِمُ وَهَذَا هُوَ السُّلْطَانُ فَهَذَا النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَذَلِكَ أَنَّ الطَّالِبَ إنَّمَا يَطْلُبُ مَنْ عِنْدَهُ مُرَادُهُ وَمَقْصُودُهُ فَإِذَا ظَنَّهُ شَخْصًا فَقِيلَ لَهُ: لَيْسَ مُرَادُك عِنْدَهُ وَإِنَّمَا مُرَادُك عِنْدَ هَذَا كَانَ أَمْرًا لَهُ بِطَلَبِ مُرَادِهِ عِنْدَ هَذَا دُونَ ذَاكَ. وَالْعَابِدُونَ إنَّمَا مَقْصُودُهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا مَنْ هُوَ إلَهٌ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ لَيْسَ بِإِلَهِ إنَّمَا الْإِلَهُ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَانَ هَذَا نَهْيًا لَهُمْ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ وَأَمْرًا بِعِبَادَتِهِ. و " أَيْضًا " فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طَالِبٌ لِلْعِبَادَةِ فَلَفْظُ الْإِلَهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ فَإِذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ مَا سِوَاهُ كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا " بِالْإِلَهِ " مَنْ عَبَدَهُ عَابِدٌ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ فَإِنَّ هَذِهِ الْآلِهَةَ كَثِيرَةٌ؛ وَلَكِنَّ تَسْمِيَتَهُمْ آلِهَةً وَالْخَبَرَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ وَاِتِّخَاذَهُمْ مَعْبُودِينَ أَمْرٌ بَاطِلٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنْ هِيَ إلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} وَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} .