فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُمْ يَأْتُونَ السُّوقَ وَفِيهِ يَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا وَأَنَّ أَهْلِيهِمْ ازْدَادُوا أَيْضًا فِي غَيْبَتِهِمْ عَنْهُمْ حُسْنًا وَجَمَالًا وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَأْتُوا سُوقَ الْجَنَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ بَعْضِ الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضٍ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؛ بَلْ يُجْعَلُ نَوْعَ تَعَارُضٍ؟ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُقَاوِمُ حَدِيثَ أَنَسٍ هَذَا فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ دُونَ الْجَمِيعِ؛ بَلْ قَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَتْ رُؤْيَةُ اللَّهِ خَاصَّةً وَأَنَّ زِيَادَةَ الْوُجُوهِ حُسْنًا وَجَمَالًا كَانَ عَنْهَا لَأَخْبَرَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ قَدْ يُقَالُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ زِيَادَةَ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ إنَّمَا كَانَ مِنْ الرِّيحِ الَّتِي تَهُبُّ فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ. وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: مَا فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ مِنْ الزِّيَادَاتِ لَا يُنَافِي هَذَا - وَإِنْ كَانَ هَذَا أَصَحَّ - فَإِنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّنَافِي وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ بِشَيْءِ وَأَخْبَرَ فِي الْآخَرِ بِزِيَادَةِ أُخْرَى لَا تُنَافِيهَا كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بِمَنْزِلَةِ خَبَرٍ مُسْتَقِلٍّ فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي النَّصِّ هَلْ هِيَ نَسْخٌ؟ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي " الْأَحْكَامِ " الَّتِي هِيَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْإِبَاحَةُ وَتَوَابِعُهَا: مِثْلُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ} وَقَالَ لِآخَرَ: {عَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ} فَهُنَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ نَسْخٌ لِقَوْلِهِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} ؟ مَعَ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَسْخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute