للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْإِنَابَةُ جَعَلَهَا مَعَ الْخَشْيَةِ فِي قَوْلِهِ: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي يَخْشَى اللَّهَ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجُوَهُ وَيَطْمَعَ فِي رَحْمَتِهِ فَيُنِيبَ إلَيْهِ وَيُحِبَّهُ وَيُحِبَّ عِبَادَتَهُ وَطَاعَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُنَجِّيهِ مِمَّا يَخْشَاهُ وَيَحْصُلُ بِهِ مَا يُحِبُّهُ. وَالْخَشْيَةُ لَا تَكُونُ مِمَّنْ قَطَعَ بِأَنَّهُ مُعَذَّبٌ؛ فَإِنَّ هَذَا قَطْعٌ بِالْعَذَابِ يَكُونُ مَعَهُ الْقُنُوطُ وَالْيَأْسُ وَالْإِبْلَاسُ. لَيْسَ هَذَا خَشْيَةً وَخَوْفًا. وَإِنَّمَا يَكُونُ الْخَشْيَةُ وَالْخَوْفُ مَعَ رَجَاءِ السَّلَامَةِ. وَلِهَذَا قَالَ: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} فَصَاحِبُ الْخَشْيَةِ لِلَّهِ يُنِيبُ إلَى اللَّهِ كَمَا قَالَ: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} وَهَذَا يَكُونُ مَعَ تَمَامِ الْخَشْيَةِ وَالْخَوْفِ. فَأَمَّا فِي مُبَادِيهَا فَقَدْ يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ خَوْفٌ مِنْ الْعَذَابِ وَالذَّنْبِ