للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ بِحَقِيقَتِهِ مَوْجُودٌ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كُنْت نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ} وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مَا كَانَ نَبِيًّا إلَّا حِينَ بُعِثَ. وَكَذَلِكَ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ كَانَ وَلِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَا كَانَ وَلِيًّا إلَّا بَعْدَ تَحْصِيلِهِ شَرَائِطَ الْوِلَايَةِ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْإِلَهِيَّةِ وَالِاتِّصَافِ بِهَا مِنْ أَجْلِ كَوْنِ اللَّهِ يُسَمَّى بِالْوَلِيِّ الْحَمِيدِ. فَخَاتَمُ الرُّسُلِ مِنْ حَيْثُ وِلَايَتُهُ نِسْبَتُهُ مَعَ الْخَتْمِ لِلْوِلَايَةِ مِثْلُ نِسْبَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مَعَهُ فَإِنَّهُ الْوَلِيُّ الرَّسُولُ النَّبِيُّ. وَخَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ: الْوَلِيُّ الْوَارِثُ الْآخِذُ عَنْ الْأَصْلِ الْمُشَاهِدُ لِلْمَرَاتِبِ وَهُوَ حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ خَاتَمِ الرُّسُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَدَّمُ الْجَمَاعَةِ وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ فِي فَتْحِ بَابِ الشَّفَاعَةِ؛ فَعَيَّنَ بِشَفَاعَتِهِ حَالًا خَاصًّا مَا عُمِّمَ؛ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ الْخَاصِّ تَقَدَّمَ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْإِلَهِيَّةِ؛ فَإِنَّ الرَّحْمَنَ مَا شَفَعَ عِنْدَ الْمُنْتَقِمِ فِي أَهْلِ الْبَلَاءِ إلَّا بَعْدَ شَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ فَفَازَ مُحَمَّدٌ بِالسِّيَادَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْخَاصِّ. فَمَنْ فَهِمَ الْمَرَاتِبَ وَالْمَقَامَاتِ لَمْ يَعْسُرْ عَلَيْهِ قَبُولُ مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ اهـ.

فَهَذَا الْفَصْلُ قَدْ ذَكَرَ فِيهِ حَقِيقَةَ مَذْهَبِهِ الَّتِي يَبْنِي عَلَيْهَا سَائِرَ كَلَامِهِ فَتَدَبَّرْ مَا فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ الَّذِي: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} وَمَا فِيهِ مَنْ جَحْدِ خَلْقِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ وَجُحُودِ رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَشَتْمِهِ وَسَبِّهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِرُسُلِهِ وَصِدِّيقِيهِ وَالتَّقَدُّمِ عَلَيْهِمْ