للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولون هذا وَمِثْلَهُ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَذَا لِأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. وَالْقُرْآنُ يَرُدُّ على هؤلاء من وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا يَرُدُّ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ. فَالْآيَةُ تَرُدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كَمَا تَقَدَّمَ، مَعَ احْتِجَاجِ الْفَرِيقَيْنِ بِهَا. وَهِيَ حُجَّةٌ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ. فَإِنْ قَالَ نفاة الْقَدَرِ: إنَّمَا قَالَ فِي الْحَسَنَةِ " هِيَ مِنْ اللَّهِ " وَفِي السَّيِّئَةِ " هِيَ مِنْ نَفْسِك " لِأَنَّهُ يَأْمُرُ بِهَذَا، وَيَنْهَى عَنْ هَذَا، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. قَالُوا: وَنَحْنُ نَقُولُ: الْمُشِيئَةُ مُلَازِمَةٌ لِلْأَمْرِ. فَمَا أَمَرَ بِهِ فَقَدْ شَاءَهُ وَمَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ لَمْ يَشَأْهُ. فَكَانَتْ مُشِيئَتُهُ وَأَمْرُهُ حَاضَّةً عَلَى الطَّاعَةِ دُونَ الْمَعْصِيَةِ. فَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ مِنْهُ دُونَ هَذِهِ. قِيلَ: أَمَّا الْآيَةُ: فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا " الْحَسَنَةُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَالسَّيِّئَةُ مِنْ عِنْدِك " أَرَادُوا: مِنْ عِنْدِك يَا مُحَمَّدُ، أَيْ بِسَبَبِ دِينِك. فَجَعَلُوا رِسَالَةَ الرَّسُولِ هِيَ سَبَبُ الْمَصَائِبِ. وَهَذَا غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْقَدَرِ. وَإِذَا كَانَ قَدْ أُرِيدَ: أَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ - مِمَّا قَدْ قِيلَ - كَانَ