للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَمَضَانَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِمَنْزِلَةِ حَجَّةٍ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا لِمَنْ كَانَ أَرَادَ الْحَجَّ فَعَجَزَ عَنْهُ فَيَصِيرُ بِنِيَّةِ الْحَجِّ مَعَ عُمْرَةِ رَمَضَانَ كِلَاهُمَا تَعْدِلُ حَجَّةً لَا أَحَدُهُمَا مُجَرَّدًا. وَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ إذَا فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ الْكَامِلِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ لِفِعْلِهِ كُلِّهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ مِنْ الْأَجْرِ. كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ} وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مِنْ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا} وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الضَّلَالَةِ وَشَوَاهِدُ هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرٌ. وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إلَّا الْجَنَّةَ} رَوَاهُ النَّسَائِي وَالتِّرْمِذِي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَإِنَّ قَوْلَهُ: {تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ} لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعُمْرَةَ مِنْ مَكَّةَ إذْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَكَانَ الصَّحَابَةُ يَقْبَلُونَ أَمْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ أَمْرَ إيجَابٍ؛ أَوْ اسْتِحْبَابٍ وَلَا يُظَنُّ بِالصَّحَابَةِ