للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِيسَى كَلِمَةُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَعِيسَى غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَقَالَتْ الصَّابِئَةُ وَالْجَهْمِيَّة: عِيسَى كَلِمَةُ اللَّهِ وَهُوَ مَخْلُوقٌ وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ فَهُوَ أَيْضًا مَخْلُوقٌ. وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ اشْتَبَهَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهَا الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ وَتَكَلَّمُوا فِي إضَافَةِ الْكَلَامِ وَالرُّوحِ وَمُنَاظَرَةِ الْجَهْمِيَّة وَالنَّصَارَى. وَقَدْ سُئِلْت عَنْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْحُلُولِيَّةِ تَارَةً وَمِنْ جِهَةِ الْمُعَطِّلَةِ تَارَةً وَالسَّائِلُونَ تَارَةً مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَتَارَةً مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَقَدْ بُسِطَ جَوَابُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا أَنَّ الْفَارِقَ بَيْنَ الْمُضَافَيْنِ: أَنَّ الْمُضَافَ إنْ كَانَ شَيْئًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ أَوْ حَالًّا فِي ذَلِكَ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ فَهَذَا لَا يَكُونُ صِفَةً لِلَّهِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ قَائِمَةٌ بِالْمَوْصُوفِ. فَالْأَعْيَانُ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ قَائِمَةٌ بِأَنْفُسِهَا وَصِفَاتُهَا الْقَائِمَةُ بِهَا تَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ صِفَاتٍ لِلَّهِ فَإِضَافَتُهَا إلَيْهِ تَتَضَمَّنُ كَوْنَهَا مَخْلُوقَةً مَمْلُوكَةً لَكِنْ أُضِيفَتْ لِنَوْعِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ الْمُقْتَضَى لِلْإِضَافَةِ لَا لِكَوْنِهَا صِفَةَ وَالرُّوحِ الَّذِي هُوَ جِبْرِيلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ كَمَا أَنَّ الْكَعْبَةَ وَالنَّاقَةَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَمَالُ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَرُوحُ بَنِي آدَمَ مِنْ هَذَا وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ {فَأَرْسَلْنَا إلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} .