للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ؛ بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا صِفَةً كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا إضَافَةَ صِفَةٍ إلَيْهِ فَتَكُونُ قَائِمَةً بِهِ سُبْحَانَهُ فَإِذَا قِيلَ: {أَسَتَخِيرُك بِعِلْمِك وَأَسْتَقْدِرك بِقُدْرَتِك} فَعِلْمُهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ وَقُدْرَتُهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: {أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك} فَرِضَاهُ وَسَخَطُهُ قَائِمٌ بِهِ وَكَذَلِكَ عَفْوُهُ وَعُقُوبَتُهُ. وَأَمَّا أَثَرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ مِنْ النِّعْمَةِ وَانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ فَذَاكَ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ لَيْسَ صِفَةً لَهُ وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا بَاسِمُ ذَاكَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {يَقُولُ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِك مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي} فَالرَّحْمَةُ هنا عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِغَيْرِهَا. فَهَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ مَا يُضَافُ إضَافَةَ وَصْفٍ وَإِضَافَةَ مِلْكٍ. وَإِذَا قِيلَ " الْمَسِيحُ كَلِمَةُ اللَّهِ " فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ بِالْكَلِمَةِ إذْ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ لَيْسَ كَلَامًا. وَهَذَا بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ نَفْسُهُ كَلَامٌ وَالْكَلَامُ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ إلَّا بِالْمُتَكَلِّمِ فَإِضَافَتُهُ إلَى الْمُتَكَلِّمِ إضَافَةُ صِفَةٍ إلَى مَوْصُوفِهَا وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِنْ سَمَّى فِعْلًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَهُوَ صِفَةٌ بِاعْتِبَارِ قِيَامِهِ بِالْمُتَكَلِّمِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْكَلَامَ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِذَاتِ الْمُتَكَلِّمِ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِجَوَابِ صَحِيحٍ. فَإِذَا قِيلَ