للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُؤْيَةِ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ كَإِيمَانِ فِرْعَوْنَ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا. وَمُوسَى قَدْ دَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} . وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ سُبْحَانَهُ الْكُفَّارَ فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ} الْآيَةَ. فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ قَدْ يُؤْمِنُوا إذَا شَاءَ. وَآيَةُ الْبَقَرَةِ مُطْلَقَةٌ عَامَّةٌ. فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ أَرْبَعَ آيَاتٍ فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ. وَآيَتَيْنِ فِي صِفَةِ الْكَافِرِينَ وَبِضْعَ عَشْرَةَ آيَةً فِي الْمُنَافِقِينَ. فَبَيَّنَ حَالَ الْكَافِرِ الْمُصِرِّ عَلَى كُفْرِهِ أَنَّ الْإِنْذَارَ لَا يَنْفَعُهُ لِلْحُجُبِ الَّتِي عَلَى قَلْبِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ. وَلَيْسَ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَسْمَعُ وَيَقْبَلُ. وَلَكِنْ هُوَ حِينَ يَكُونُ كَافِرًا لَا تَتَنَاوَلُهُ الْآيَةُ. وَهَذَا كَمَا يُقَالُ فِي الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ: لَا يَجُوزُ أَنْ تُعْقَدَ لَهُ الذِّمَّةُ وَلَا يَكُونُ قَطُّ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ مَا دَامَ حَرْبِيًّا. فَالْكُفَّارُ مَا دَامُوا كُفَّارًا هُمْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ. لَهُمْ مَوَانِعُ تَمْنَعُهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ كَمَا أَنَّ لِلْمُنَافِقِينَ مَوَانِعَ تَمْنَعُهُمْ مَا دَامُوا كَذَلِكَ وَإِنْ أُنْذِرُوا. وَهَذَا كَقَوْلِهِ {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} فَهَذَا مِثْلُ كُلِّ كَافِرٍ مَا دَامَ كَافِرًا.