فَالْآيَاتُ أُفُقِيَّةٌ وَأَرْضِيَّةٌ وَقُرْآنِيَّةٌ وَهِيَ أَدِلَّةُ الْعِلْمِ. وَالْإِنْذَارُ يَقْتَضِي الْخَوْفَ. فَالْآيَاتُ لِمَنْ إذَا عَرَفَ الْحَقَّ عَمِلَ بِهِ فَهَذَا تَنْفَعُهُ الْحِكْمَةُ. وَالْإِنْذَارُ لِمَنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ وَلَهُ هَوًى يَصُدُّهُ فَيُنْذَرُ بِالْعَذَابِ الَّذِي يَدْعُوهُ إلَى مُخَالَفَةِ هَوَاهُ وَهُوَ خَوْفُ الْعَذَابِ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. وَآخَرُ لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ فَيَحْتَاجُ إلَى الْجَدَلِ فَيُجَادِلُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَقَالَ {إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} {إنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} . فَالْمُرَادُ أَنَّ الْكَافِرَ مَا دَامَ كَافِرًا لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ سَوَاءٌ أُنْذِرَ أَمْ لَمْ يُنْذَرْ وَلَا يُؤْمِنُ مَا دَامَ كَذَلِكَ. لِأَنَّ عَلَى قَلْبِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ مَوَانِعَ تَصُدُّ عَنْ الْفَهْمِ وَالْقَبُولِ. وَهَكَذَا حَالُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ هَوَاهُ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ " إنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ". وَقِيلَ ذَلِكَ لِمَنْ سَبَقَتْ عَلَيْهِ الشِّقْوَةُ أَوْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الْكَلِمَةُ كَقَوْلِهِ {إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} فَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُؤْمِنُونَ إلَّا حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ وَقْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute