للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذِهِ الْأُمُورُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُهَا فِي الصَّلَاةِ. كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ. أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ} فَهَذَا حَمْدٌ وَهُوَ شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى. وَبَيَانٌ أَنَّ حَمْدَهُ أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ. ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ {اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت. وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ} . وَهَذَا تَحْقِيقٌ لِوَحْدَانِيِّتِهِ: لِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ. خَلْقًا وَقَدَرًا وَبِدَايَةً وَهِدَايَةً. هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِعُ. لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ وَلِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ - شَرْعًا وَأَمْرًا وَنَهْيًا - وَهُوَ أَنَّ الْعِبَادَ وَإِنْ كَانُوا يُعْطَوْنَ مُلْكًا وَعَظْمَةً وَبَخْتًا وَرِيَاسَةً فِي الظَّاهِرِ أَوْ فِي الْبَاطِنِ كَأَصْحَابِ الْمُكَاشَفَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْخَارِقَةِ {فَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ} أَيْ لَا يُنْجِيهِ وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ سُؤَالِك وَحِسَابِك حَظَّهُ وَعَظَمَتَهُ وَغِنَاهُ. وَلِهَذَا قَالَ {لَا يَنْفَعُهُ مِنْك} وَلَمْ يَقُلْ " لَا يَنْفَعُهُ عِنْدَك " فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ ذَلِكَ: أَوْهَمَ أَنَّهُ لَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْك لَكِنْ قَدْ لَا يَضُرُّهُ. فَيَقُولُ صَاحِبُ الْجَدِّ: إذَا سَلِمْت مِنْ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ فَمَا أُبَالِي كَاَلَّذِينَ