للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَارِ؛ وَشَرَطَ فِي الْمَسْحِ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ مُحَنَّكَةً. وَاتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَاضِي وَأَتْبَاعُهُ وَذَكَرُوا فِيهَا - إذَا كَانَ لَهَا ذُؤَابَةٌ - وَجْهَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد: إذَا كَانَ أَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يُجَوِّزُ الْمَسْحَ عَلَى الْقَلَانِسِ الدَّنِيَّاتِ - وَهِيَ الْقَلَانِسُ الْكِبَارُ - فَلَأَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ عَلَى الْعِمَامَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. وَالسَّلَفُ كَانُوا يُحَنِّكُونَ عَمَائِمَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْكَبُونَ الْخَيْلَ وَيُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَرْبُطُوا الْعَمَائِمَ بِالتَّحْنِيكِ وَإِلَّا سَقَطَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ مَعَهَا طَرْدُ الْخَيْلِ؛ وَلِهَذَا ذَكَرَ أَحْمَد عَنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَافِظُونَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِهِ هُمْ الْمُجَاهِدِينَ. وَذَكَرَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْعَمَائِمَ بِلَا تَحْنِيكٍ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْحِجَازِ فِي زَمَنِ التَّابِعِينَ لَا يُجَاهِدُونَ. وَرَخَّصَ إسْحَاقُ وَغَيْرُهُ فِي لُبْسِهَا بِلَا تَحْنِيكٍ وَالْجُنْدُ الْمُقَاتِلَةُ لَمَّا احْتَاجُوا إلَى رَبْطِ عَمَائِمِهِمْ صَارُوا يَرْبُطُونَهَا: إمَّا بِكَلَالِيبَ؛ وَإِمَّا بِعِصَابَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذَا مَعْنَاهُ مَعْنَى التَّحْنِيكِ كَمَا أَنَّ مِنْ السَّلَفِ مَنْ كَانَ يَرْبُطُ وَسَطَهُ بِطَرَفِ عِمَامَتِهِ وَالْمَنَاطِقُ يَحْصُلُ بِهَا هَذَا الْمَقْصُودُ. وَفِي نَزْعِ الْعِمَامَةِ الْمَرْبُوطَةِ بِعِصَابَةِ وَكَلَالِيبَ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا فِي نَزْعِ الْمُحَنَّكَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ