للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَحِيحَةٍ لَكِنَّ الْعُلَمَاءَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْفَرْضُ سَقَطَ بِمَسْحِ مَا بَدَا مِنْ الرَّأْسِ؛ وَالْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ مُسْتَحَبٌّ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ الْفَرْضُ سَقَطَ بِمَسْحِ الْعِمَامَةِ وَمَسْحِ مَا بَدَا مِنْ الرَّأْسِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ. وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ؛ أَوْ لَيْسَ بِوَاجِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَد الْمَشْهُورُ عَنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ إنَّمَا كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَهُوَ مَا إذَا حَصَلَ بِكَشْفِ الرَّأْسِ ضَرَرٌ مِنْ بَرْدٍ وَمَرَضٍ؛ فَيَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ كَمَا جَاءَ: أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَرِيَّةٍ فَشَكَوْا الْبَرْدَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى التَّسَاخِينِ وَالْعَصَائِبِ - وَالْعَصَائِبُ هِيَ الْعَمَائِمُ - وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبِلَادَ الْبَارِدَةَ يَحْتَاجُ فِيهَا مَنْ يَمْسَحُ التَّسَاخِينَ وَالْعَصَائِبَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ فَأَهْلُ الشَّامِ وَالرُّومِ وَنَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ أَحَقُّ بِالرُّخْصَةِ فِي هَذَا وَهَذَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْمَاشُونَ فِي الْأَرْضِ الْحَزِنَةِ وَالْوَعِرَةِ أَحَقُّ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ مِنْ الْمَاشِينَ فِي الْأَرْضِ السَّهْلَةِ وَخِفَافُ هَؤُلَاءِ فِي الْعَادَةِ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهَا الْحَجَرُ؛ فَهُمْ بِرُخْصَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ الْمُخَرَّقَةِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ.