أَشْهُرِ الْحَجِّ وَغَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ لَهُمْ عُمَرُ هُوَ الْأَفْضَلُ حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. فَإِنَّ الْإِمَامُ أَحْمَد يَقُولُ: إنَّهُ إذَا اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعُمْرَةَ إلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ سَوَاءٌ قَدِمَ مَكَّةَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاعْتَمَرَ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ أَوْ اعْتَمَرَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ أَوْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَاصِدَ لِمَكَّةَ إذَا قَدِمَ مَثَلًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَاعْتَمَرَ فِيهِ حَصَلَ لَهُ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: {عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً} . وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ ذَلِكَ مُعْتَمِرًا وَأَقَامَ بِمَكَّةَ فَذَلِكَ كُلُّهُ أَفْضَلُ لَهُ فَإِنَّهُ يَطُوفُ بِمَكَّةَ وَيَعْتَكِفُ بِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ إلَى حِينِ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَإِنْ رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَقَدْ أَفْرَدَ لِلْعُمْرَةِ سَفَرًا وَلِلْحَجِّ سَفَرًا وَذَلِكَ أَتَمُّ لَهُمَا كَمَا قَالَ عَلِيٌّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دويرة أَهْلِك. أَيْ: تُنْشِئُ السَّفَرَ لَهُمَا مِنْ دويرة أَهْلِك.
وَأَمَّا مَنْ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ. ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ ثُمَّ قَدِمَ ثَانِيًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَتَمَتَّعَ بِعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَهَذَا أَفْضَلُ مِمَّنْ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْحَجِّ فِي سَفْرَتِهِ الثَّانِيَةِ إذَا اعْتَمَرَ مَعَهَا عَقِيبَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ مَعَ الْحَجِّ تَمَتُّعًا هُوَ قِرَانٌ كَمَا بَيَّنُوا وَلِأَنَّ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute