يُكَلِّمُ مُوسَى تَكْلِيمًا تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيرًا ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ. وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ دَعَوْا مَنْ دَعَوْهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ إلَى مَقَالَتِهِمْ حَتَّى اُمْتُحِنَ النَّاسُ فِي الْقُرْآنِ بِالْمِحْنَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي إمَارَةِ الْمَأْمُونِ وَالْمُعْتَصِمِ وَالْوَاثِقِ حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ شَأْنَ مَنْ ثَبَتَ فِيهَا مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ: كَالْإِمَامِ أَحْمَد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُوَافَقِيهِ وَكَشَفَهَا اللَّهُ عَنْ النَّاسِ فِي إمَارَةِ الْمُتَوَكِّلِ وَظَهَرَ فِي الْأُمَّةِ " مَقَالَةُ السَّلَفِ ": إنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ. أَيْ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ لَمْ يُبْتَدَأْ مِنْ بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ - كَمَا قَالَتْ الْجَهْمِيَّة - بَلْ هُوَ مِنْهُ نَزَلَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} وَقَالَ: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وَقَالَ: {حم} {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَقَوْلُهُ: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} . ثُمَّ لَمَّا شَاعَتْ الْمِحْنَةُ كَثُرَ اضْطِرَابُ النَّاسِ وَتَنَازُعُهُمْ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ - الْمُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ - يَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمْ قَوْلًا يُخَالِفُ بِهِ صَاحِبَهُ وَقَدْ لَا يَشْعُرُ أَحَدُهُمْ بِخِلَافِ الْأَدِلَّةِ وَصَارَ أَتْبَاعُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد مَعَ كَوْنِ الظَّاهِرِ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ - بَيْنَ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَنَازُعٌ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَى ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute