فَجَعَلَ الْأَصْنَامَ مَنْحُوتَةً مَعْمُولَةً لَهُمْ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ وَخَالِقُ مَعْمُولِهِمْ فَإِنَّ " مَا " هَاهُنَا: بِمَعْنَى الَّذِي وَالْمُرَادُ خَلَقَ مَا تَعْمَلُونَهُ مِنْ الْأَصْنَامِ وَإِذَا كَانَ خَالِقًا لِلْمَعْمُولِ وَفِيهِ أَثَرُ الْفِعْلِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ خَالِقٌ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ " مَا " مَصْدَرِيَّةٌ فَضَعِيفٌ جِدًّا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} وَإِنَّمَا دَمَّرَ مَا بَنَوْهُ وَعَرَّشُوهُ فَأَمَّا الْأَعْرَاضُ الَّتِي قَامَتْ بِهِمْ فَتِلْكَ فَنِيَتْ قَبْلَ أَنْ يَغْرَقُوا وَقَوْلُهُ: {وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعُرُوشَ مَفْعُولٌ لَهُمْ هُمْ فَعَلُوا الْعَرْشَ الَّذِي فِيهِ وَهُوَ التَّأْلِيفُ وَمِثْلُ قَوْلِهِ: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبْنِيَّ هُمْ بَنُوهُ حَيْثُ قَالَ: {أَتَبْنُونَ} وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} هُوَ كَقَوْلِهِ: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} وَقَوْلُهُ: {جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ جَابُوا الصَّخْرَ: أَيْ قَطَعُوهُ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَالْأَمْرُ إنَّمَا يَكُونُ بِمَقْدُورِ الْعَبْدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مَقْدُورٌ لَهُ وَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَفْعَلُهُ فِي الشَّخْصِ فَيَمُوتُ وَهُوَ مِثْلُ الذَّبْحِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} وَقَوْلُهُ: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ مَقْتُولٌ لِلْآدَمِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} فَإِنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ: {وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute