للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاَللَّهُ تَعَالَى يُذَكِّرُ فِي الْقُرْآنِ بِآيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ. وَيُذَكِّرُ بِآيَاتِهِ الَّتِي فِيهَا نِعَمُهُ وَإِحْسَانُهُ إلَى عِبَادِهِ. وَيُذَكِّرُ بِآيَاتِهِ الْمُبَيِّنَةِ لِحِكْمَتِهِ تَعَالَى. وَهِيَ كُلُّهَا مُتَلَازِمَةٌ. فَكُلُّ مَا خَلَقَ: فَهُوَ نِعْمَةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى قُدْرَتِهِ وَعَلَى حِكْمَتِهِ. لَكِنْ نِعْمَةُ الرِّزْقِ وَالِانْتِفَاعِ بِالْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَلَابِسِ: ظَاهِرَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ. فَلِهَذَا يُسْتَدَلُّ بِهَا كَمَا فِي سُورَةِ النَّحْلِ. وَتُسَمَّى سُورَةَ النِّعَمِ. كَمَا قَالَهُ قتادة وَغَيْرُهُ. وَعَلَى هَذَا: فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُ: الْحَمْدُ أَعَمُّ مِنْ الشُّكْرِ. مِنْ جِهَةِ أَسْبَابِهِ. فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى نِعْمَةٍ وَعَلَى غَيْرِ نِعْمَةٍ. وَالشُّكْرُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ أَنْوَاعِهِ. فَإِنَّهُ يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْيَدِ. فَإِذَا كَانَ كُلُّ مَخْلُوقٍ فِيهِ نِعْمَةٌ: لَمْ يَكُنْ الْحَمْدُ إلَّا عَلَى نِعْمَةٍ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَال. لِأَنَّهُ مَا مِنْ حَالٍ يَقْضِيهَا إلَّا وَهِيَ نِعْمَةٌ عَلَى عِبَادِهِ. لَكِنْ هَذَا فَهْمُ مَنْ عَرَفَ مَا فِي الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ النِّعَمِ. وَالْجَهْمِيَّة وَالْجَبْرِيَّةُ: بِمَعْزِلِ عَنْ هَذَا.