الْكَلَامِ وَالْكِتَابِ كَالْقَوْلِ فِي الْعِلْمِ: فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - إذَا خَلَقَ الشَّيْءَ خَلَقَهُ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَلِذَلِكَ كَانَ الْخَلْقُ مُسْتَلْزِمًا لِلْعِلْمِ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} . وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ بِمَا سَيَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فَعِلْمُهُ وَخَبَرُهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ هُوَ الْمُؤَثِّرَ فِي وُجُودِهِ لِعِلْمِهِ وَخَبَرِهِ بِهِ بَعْدَ وُجُودِهِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (أَحَدُهَا) : أَنَّ الْعِلْمَ وَالْخَبَرَ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْعِلْمِ وَالْخَبَرِ عَنْ الْمَاضِي. (الثَّانِي) : أَنَّ الْعِلْمَ الْمُؤَثِّرَ هُوَ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْإِرَادَةِ الْمُسْتَلْزَمَةِ لِلْخَلْقِ لَيْسَ هُوَ مَا يَسْتَلْزِمُ الْخَبَرَ وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ الْعَمَلِيِّ وَالْعِلْمِ الْخَبَرِيِّ. (الثَّالِثُ) أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْخَبَرَ بِمَا سَيَكُونُ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي وُجُودِ الْمَعْلُومِ الْمُخْبَرِ بِهِ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ فَلَا يَكُونُ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ مُوجِبًا لَهُ بِدُونِ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْخَبَرَ وَالْكِتَابَ لَا يُوجِبُ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ عَنْ الْفَاعِلِ الْقَادِرِ الْمُرِيدِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يَعْلَمُ وَيُخْبِرُ بِمَا سَيَكُونُ مِنْ مَفْعُولَاتِ الرَّبِّ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُقِيمُ الْقِيَامَةَ وَيُخْبِرُ بِذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ وَالْخَبَرَ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَعْلُومِ الْمُخْبَرِ بِهِ بِدُونِ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ أَسْبَابًا لَهُ. إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَقَوْلُ السَّائِلِ: السَّعِيدُ لَا يَشْقَى، وَالشَّقِيُّ لَا يَسْعَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute