للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهَا وَهَذَا أَوْجَبَ تَعْظِيمَ حُرُوفِ الْقُرْآنِ الْمَنْطُوقَةَ وَالْمَسْطُورَةَ وَكَانَ لَهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَا امْتَازَتْ بِهِ عَمَّا سِوَاهَا وَاخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ إنَّمَا كَانَ لِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا وَأَحْوَالِهَا. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُقَالَ مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: إنَّ كَلَامَ الْإِنْسَانِ كُلَّهُ مَخْلُوقٌ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ وَالْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {يَقُولُ اللَّهُ: أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت لَهَا مِنْ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتّهُ} " وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ {الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَالَ: عَجَبًا لَهُمْ كَيْفَ يَكْفُرُونَ بِهِ وَهُمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي نَعْمَائِهِ وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَسْمَائِهِ} . وَذَكَرَ فِي مُعْظَمِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ أَنَّهَا مَبَانِي أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَكُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ السَّمَاءِ وَهَذَا مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ قَالَ: لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً وَلَيْسَ بِحُجَّةِ؛ فَإِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مِنْ كَلَامِهِ وَكَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَا اشْتَقَّهُ هُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَكَلَامُهُ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَمَّا إذَا اشْتَقُّوا اسْمًا أَحْدَثُوهُ فَذَلِكَ الِاسْمُ هُمْ أَحْدَثُوهُ وَلَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ الْمُشْتَقُّ مِنْهُ غَيْرَ مَخْلُوقٍ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَقُّ كَذَلِكَ. وَمَا يُرْوَى عَنْ الْمَسِيحِ فَلَا يُعْرَفُ ثُبُوتُهُ عَنْهُ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَإِذَا كَانَ قَدْ أَلْهَمَ عِبَادَهُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْحُرُوفِ