إنْ كَانَتْ الْمِرْآةُ صَغِيرَةً وَمُسْتَطِيلًا إنْ كَانَتْ الْمِرْآةُ مُسْتَطِيلَةً. وَهَذَا الْكَلَامُ الْمَرْوِيُّ عَنْ الْغَيْرِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ هُوَ نَفْسُ كَلَامِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ تَوَسُّطِ صَوْتِ هَذَا الْمُبَلِّغِ؛ وَلِهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ صَوْتِ الْمُبَلِّغِ؛ فَتَارَةً يَكُونُ رَقِيقًا وَتَارَةً غَلِيظًا وَتَارَةً مَجْهُورًا بِهِ وَتَارَةً مُخَافَتًا بِهِ. فَإِنْ قُلْت: فَهَذَا الْمَسْمُوعُ مِثْلُ كَلَامِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ أَوْ حِكَايَةُ كَلَامِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ كَمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ كَانَ إطْلَاقُ هَذَا خَطَأً كَمَا أَنَّك إذَا قُلْت لِمَا تَرَاهُ فِي الْمَاءِ وَالْمِرْآةِ هَذَا مِثْلُ الشَّمْسِ أَوْ هَذَا يَحْكِي الشَّمْسَ: كَانَ إطْلَاقُ ذَلِكَ خَطَأً قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} الْآيَةَ فَقَدْ بَيَّنَ عَجْزَ الْخَلَائِقِ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مَعَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى تَبْلِيغِهِ وَتِلَاوَتِهِ؛ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْمَسْمُوعَ لَا يُقَالُ إنَّهُ مِثْلُ كَلَامِ اللَّهِ كَمَا سَمَّاهُ كَلَامَهُ؛ لَكِنَّهُ كَلَامُهُ بِوَاسِطَةِ الْمُبَلِّغِ لَا بِطْرِيقَ الْمُبَاشَرَةِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ فَرَّقَ بَيْن التَّكْلِيمَيْنِ. فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فَفَرَّقَ بَيْنَ تَكْلِيمِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ - كَمَا كَلَّمَهُ مُوسَى - وَبَيْنَ تَكْلِيمِهِ بِإِرْسَالِهِ رَسُولًا يُوحِي بِإِذْنِهِ؛ ذَاكَ تَكْلِيمٌ بِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute