وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْفُصُوصِ - بَعْدَ فَصٌّ حِكْمَةٌ إلَهِيَّةٌ فِي كَلِمَةٍ آدَمِيَّةٍ (وَفَصٌّ حِكْمَةٌ نَفْسِيَّةٌ فِي كَلِمَةٍ شيثية - وَقَدْ قَسَّمَ الْعَطَاءَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عَنْ سُؤَالٍ وَعَنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَذَكَرَ الْقِسْمَ الَّذِي لَا يُسْأَلُ لِأَنَّ شَيْئًا هُوَ هِبَةُ اللَّهِ إلَى أَنْ قَالَ: " وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنّ يَعْلَمُ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ: هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَالِ ثُبُوتِ عَيْنِهِ قَبْلَ وُجُودِهَا وَيَعْلَمُ أَنَّ الْحَقَّ لَا يُعْطِيهِ إلَّا مَا أَعْطَاهُ عَيْنَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ. وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَالِ ثُبُوتُهُ فَيَعْلَمُ عِلْمَ اللَّهِ بِهِ مِنْ أَيْنَ حَصَلَ وَمَا ثَمَّ صِنْفٌ مِنْ أَهْلِ اللَّهِ أَعْلَى وَأَكْشَفُ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ فَهُمْ الْوَاقِفُونَ عَلَى سِرِّ الْقَدَرِ وَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مُجْمَلًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مُفَصَّلًا. وَاَلَّذِي يَعْلَمُهُ مُفَصَّلًا: أَعْلَى وَأَتَمُّ مِنْ الَّذِي يَعْلَمُهُ مُجْمَلًا فَإِنَّهُ يَعْلَمُ مَا تَعَيَّنَ فِي عِلْمِ اللَّهِ فِيهِ إمَّا بِإِعْلَامِ اللَّهِ إيَّاهُ بِمَا أَعْطَاهُ عَيْنَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ وَإِمَّا بِأَنْ يَكْشِفَ لَهُ عَنْ عَيْنِهِ الثَّابِتَةِ وَعَنْ انْتِقَالَاتِ الْأَحْوَالِ عَلَيْهَا إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى وَهُوَ أَعْلَى فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي عِلْمِهِ بِنَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ عِلْمِ اللَّهِ بِهِ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ عِنَايَةٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَتْ لَهُ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَحْوَالِ عَيْنِهِ يَعْرِفُهَا صَاحِبُ هَذَا الْكَشْفِ إذَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ - أَيْ عَلَى أَحْوَالِ عَيْنِهِ - فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمَخْلُوقِ إذَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى أَحْوَالِ عَيْنِهِ الثَّابِتَةِ - الَّتِي تَقَعُ صُورَةُ الْوُجُودِ عَلَيْهَا - أَنْ يَطَّلِعَ فِي هَذِهِ الْحَالِ عَلَى اطِّلَاعِ الْحَقِّ عَلَى هَذِهِ الْأَعْيَانِ الثَّابِتَةِ فِي حَالِ عَدَمِهَا لِأَنَّهَا نِسَبٌ ذَاتِيَّةٌ لَا صُورَةَ لَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute