للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكُونُوا يَذْهَبُونَ إلَى الْقَبْرِ. وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عَنْهُمْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُمْ أَوْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَانَ إذَا صَلَّى خَلْفَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ غَيْرِهِ يَقِفُ عِنْدَ الْحُجْرَةِ خَارِجًا مِنْهَا. وَأَمَّا دُخُولُ الْحُجْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُمْ. فَإِذَا كَانُوا بَعْدَ السَّفَرِ إلَى مَسْجِدِهِ يَفْعَلُونَ مَا سَنَّهُ لَهُمْ فِي الصَّلَاة وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَلَا يَذْهَبُونَ إلَى قَبْرِهِ فَكَيْفَ يَقْصِدُونَ أَنْ يُسَافِرُوا إلَيْهِ؟ أَوْ يَقْصِدُونَ بِالسَّفَرِ إلَيْهِ دُونَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ؟ وَمَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ فَلْيَنْقُلْ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ إذَا نَقَلَهُ يَكُونُ قَائِلُهُ قَدْ خَالَفَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ كَمَا خَالَفَ فَاعِلُهُ فِعْلَ الْأُمَّةِ وَخَالَفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعَ أَصْحَابِهِ وَعُلَمَاءَ أُمَّتِهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} . و {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.} . وَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ قَدْ ذَكَرُوا فِي مَنَاسِكِهِمْ اسْتِحْبَابَ السَّفَرِ إلَى مَسْجِدِهِ وَذَكَرُوا زِيَارَةَ قَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ إنَّهُ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا زِيَارَةَ الْقَبْرِ يَكُونُ سَفَرُهُ مُسْتَحَبًّا. وَلَوْ قَالُوا ذَلِكَ فِي قَبْرِ غَيْرِهِ. لَكِنَّ هَذَا لَمْ يَقْصِدْهُ بَعْضُ النَّاسِ مِمَّنْ لَا يَكُونُ عَارِفًا بِالشَّرِيعَةِ وَبِمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَى عَنْهُ وَغَايَتُهُ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلِهِ