الرَّسُولُ وَلَا يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ بَلْ يَنْظُرُ مَا قَالَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ تَبَعًا لِقَوْلِهِ وَعَمَلُهُ تَبَعًا لِأَمْرِهِ فَهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُعَارِضُ النُّصُوصَ بِمَعْقُولِهِ وَلَا يُؤَسِّسُ دِينًا غَيْرَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَإِذَا أَرَادَ مَعْرِفَةَ شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ وَالْكَلَامِ فِيهِ نَظَرَ فِيمَا قَالَهُ اللَّهُ وَالرَّسُولُ فَمِنْهُ يَتَعَلَّمُ وَبِهِ يَتَكَلَّمُ وَفِيهِ يَنْظُرُ وَيَتَفَكَّرُ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ فَهَذَا أَصْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ لَا يَجْعَلُونَ اعْتِمَادَهُمْ فِي الْبَاطِنِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى مَا تَلَقَّوْهُ عَنْ الرَّسُولِ؛ بَلْ عَلَى مَا رَأَوْهُ أَوْ ذَاقُوهُ ثُمَّ إنْ وَجَدُوا السُّنَّةَ تُوَافِقُهُ وَإِلَّا لَمْ يُبَالُوا بِذَلِكَ فَإِذَا وَجَدُوهَا تُخَالِفُهُ أَعْرَضُوا عَنْهَا تَفْوِيضًا أَوْ حَرَّفُوهَا تَأْوِيلًا. فَهَذَا هُوَ الْفُرْقَانُ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ وَالْبِدْعَةِ وَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ لَهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ لَكِنَّ فِيهِمْ مِنْ النِّفَاقِ وَالْبِدْعَةِ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمُوا فِيهِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَخَالَفُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ يُخَالِفُ الرَّسُولَ وَلَوْ عَلِمُوا لَمَا قَالُوهُ لَمْ يَكُونُوا مُنَافِقِينَ بَلْ نَاقِصِي الْإِيمَانِ مُبْتَدِعِينَ وَخَطَؤُهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ لَا يُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَقَصُوا بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute