للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا بَعْدَ نُزُولِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِيجَابِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَتَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ بِمُجَرَّدِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّ بِهِ الثَّوَابَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ: لَمْ يَكُنْ هَذَا مُؤْمِنًا بِمَا كَانَ بِهِ مُؤْمِنًا قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِيمَانَ الَّذِي شُرِعَ لِهَذَا أَعْظَمُ مِنْ الْإِيمَانِ الَّذِي شُرِعَ لِهَذَا وَكَذَلِكَ الْمُسْتَطِيعُ الْحَجَّ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهُ وَصَاحِبُ الْمَالِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ وَنَظَائِرُهُ مُتَعَدِّدَةٌ. وَأَمَّا تَفَاصِيلُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ فَتَارَةً يَقُومُ هَذَا مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْعَمَلِ بِأَعْظَمَ مِمَّا يَقُومُ بِهِ هَذَا. وَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ الْأُمُورِ يَتَفَاضَلُ حَتَّى إنَّ الْإِنْسَانَ يَجِدُ نَفْسَهُ أَحْيَانًا أَعْظَمَ حُبًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَخَشْيَةً لِلَّهِ وَرَجَاءً لِرَحْمَتِهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ؛ وَإِخْلَاصًا مِنْهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ. وَكَذَلِكَ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّصْدِيقُ تَتَفَاضَلُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرِ بْنِ حَبِيبٍ الخطمي وَغَيْرِهِ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَإِذَا ذَكَرْنَا اللَّهَ وَحَمِدْنَاهُ وَسَبَّحْنَاهُ فَتِلْكَ زِيَادَتُهُ وَإِذَا غَفَلْنَا وَنَسِينَا وَضَيَّعْنَا فَذَلِكَ نُقْصَانُهُ. وَلِهَذَا سُنَّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيمَانِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ اسْتَثْنَوْا فِي الْإِيمَانِ وَآخَرُونَ أَنْكَرُوا الِاسْتِثْنَاءَ فِيهِ