للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ذَكَرَ أَنَّ لِهَذَا مَا نَوَاهُ وَلِهَذَا مَا نَوَاهُ. وَالْهِجْرَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْهَجْرِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ} كَمَا قَالَ: {الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ لِكَمَالِ مُسَمَّى هَذَا الِاسْمِ كَمَا قَالَ: {لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافُ} إلَخْ وَقَدْ يُشْبِهُ هَذَا قَوْلَهُ: {مَا تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَنْ لَيْسَ لَهُ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ. قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْمُفْلِسُ وَلَكِنَّ الْمُفْلِسَ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتِ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيَأْتِي وَقَدْ ضَرَبَ هَذَا؛ وَشَتَمَ هَذَا؛ وَأَخَذَ مَالَ هَذَا؛ فَيُعْطِي هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ؛ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ؛ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ حَسَنَةٌ أَخَذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ} . وَقَالَ: {مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَنْ لَا يُولَدُ لَهُ. قَالَ: الرَّقُوبُ مَنْ لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا} وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصَّرْعَةِ وَإِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ} . لَكِنْ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَقْصُودٌ وَبَيَانُ مَا هُوَ أَحَقُّ بِأَسْمَاءِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِمَّا يَظُنُّونَهُ. فَإِنَّ الْإِفْلَاسَ حَاجَةٌ وَذَلِكَ مَكْرُوه فَبَيَّنَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْحَاجَةِ إنَّمَا تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَذَلِكَ عَدَمُ الْوَلَدِ تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ لِعَدَمِ الْوَلَدِ النَّافِعِ فَبَيَّنَ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْوَلَدِ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ لِمَنْ