للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانُوا فِيهَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ خَيْرًا مِمَّا كَانُوا فِيهَا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَلَمَّا كَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ حَدَثَ مِنْ بَعْضِهِمْ ذُنُوبٌ أَوْجَبَتْ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ فِي نَوْعٍ مِنْ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ كَمَنْعِهِمْ مِنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَكَإِيقَاعِ الثَّلَاثِ إذَا قَالُوهَا بِكَلِمَةِ وَكَتَغْلِيظِ الْعُقُوبَةِ فِي الْخَمْرِ وَكَانَ أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ وَأَزْهَدُهُمْ مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ يَنْقَادُ لَهُ عُمَرُ مَا لَا يَنْقَادُ لِغَيْرِهِ وَخَفِيَ عَلَيْهِمْ بَعْضُ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا حَتَّى تَنَازَعُوا فِيهَا وَهُمْ مُؤْتَلِفُونَ مُتَحَابُّونَ كُلٌّ مِنْهُمْ يُقِرُّ الْآخَرَ عَلَى اجْتِهَادِهِ. فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ " عُثْمَانَ " زَادَ التَّغَيُّرُ وَالتَّوَسُّعُ فِي الدُّنْيَا وَحَدَثَتْ أَنْوَاعٌ مِنْ الْأَعْمَالِ لَمْ تَكُنْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَحَصَلَ بَيْنَ بَعْضِ الْقُلُوبِ تَنَافُرٌ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ فَصَارُوا فِي فِتْنَةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} أَيْ هَذِهِ الْفِتْنَةُ لَا تُصِيبُ الظَّالِمَ فَقَطْ؛ بَلْ تُصِيبُ الظَّالِمَ وَالسَّاكِتَ عَنْ نَهْيِهِ عَنْ الظُّلْمِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِ مِنْهُ} . وَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَنْعِهِمْ كَثِيرًا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَصَارُوا يَخْتَصِمُونَ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَمْ تَكُنْ فِيهِ خُصُومَةٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَطَائِفَةٌ تَمْنَعُ الْمُتْعَةَ مُطْلَقًا كَابْنِ الزُّبَيْرِ وَطَائِفَةٌ تَمْنَعُ الْفَسْخَ كَبَنِي أُمِّيَّةَ وَأَكْثَرِ النَّاسِ وَصَارُوا يُعَاقِبُونَ مَنْ تَمَتَّعَ وَطَائِفَةٌ أُخْرَى تُوجِبُ الْمُتْعَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَا