حُكْمَ التَّفْرِيقِ. وَلِهَذَا وَجَبَ عِنْدَ أَحْمَد وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا تَعَذَّرَتْ الْقِسْمَةُ: أَنْ يَبِيعَ مَعَ شَرِيكِهِ أَوْ يُؤَاجِرَ مَعَهُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ. فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَقْوِيمِ الْعَبْدِ كُلِّهِ وَبِإِعْطَاءِ الشَّرِيكِ حِصَّتَهُ مِنْ الْقِيمَةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مُنْفَرِدَةٌ دُونَ حِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ. فَعُلِمَ أَنَّ حَقَّهُ فِي نِصْفِ النِّصْفِ. وَإِذَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِالْإِعْتَاقِ فَبِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْإِتْلَافِ أَوْلَى؛ وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْإِتْلَافِ مَا يُسْتَحَقُّ بِالْمُعَاوَضَةِ. فَعُلِمَ أَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالْمُعَاوَضَةِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ عِنْدَ بَيْعِ الْجَمِيعِ. فَتَجِبُ قِسْمَةُ الْعَيْنِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهَا. فَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ قُسِمَتْ الْقِيمَةُ. فَإِذَا كُنَّا قَدْ أَوْجَبْنَا عَلَى الشَّرِيكِ بَيْعَ نَصِيبِهِ لِمَا فِي التَّفْرِيقِ مِنْ نَقْصِ قِيمَةِ شَرِيكِهِ فَلَأَنْ يَجُوزَ بَيْعُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا - إذَا كَانَ فِي تَفْرِيقِهِمَا ضَرَرٌ - أَوْلَى؛ وَلِذَلِكَ جَازَ بَيْعُ الشَّاةِ مَعَ اللَّبَنِ الَّذِي فِي ضَرْعِهَا. وَإِنْ أَمْكَنَ تَفْرِيقُهُمَا بِالْحَلْبِ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ اللَّبَنِ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ. وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ: فَيَجُوزُ مَتَى كَانَ مَعَ الشَّجَرِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute